استطاع المغرب بفضل التنويع الإستراتيجي لإنتاجه الزراعي، أن يفرض نفسه كعنصر رئيسي في سوق الطماطم الكرزية البولندية، ملبياً بذلك توقعات القطاع ويشهد هذا النجاح على القوة المتنامية للفلاحة المغربية التي تعزز مكانتها على الساحة الدولية وتغزو أسواقًا أوروبية جديدة. وقد تناول موقع leseco.ma في عدده الصادر في 23 سبتمبر هذا الموضوع.
في حين أن صادرات الطماطم المغربية كانت موجهة نحو دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا فقط إلا أن السنوات الأخيرة شهدت ازدهارًا مذهلًا في السوق البولندية.
فقد تمكن المغرب من زيادة صادراته السنوية من الطماطم إلى بولندا إلى ما بين 30,000 و36,000 طن. يوضح هذا التطور القدرة التنافسية المتزايدة للمغرب في سوق أوروبية متزايدة الطلب.
يمثل عام 2023 نقطة تحول في هذه الديناميكية. ففي النصف الأول من العام، قام المصدرون المغاربة بشحن 22,000 طن من الطماطم إلى بولندا، وهو رقم قياسي بلغ 22,000 طن، أي ضعف الكمية المسجلة في عام 2019. وتُعزى هذه الزيادة إلى حد كبير إلى الطلب البولندي القوي وقدرة المغرب على تلبية الإحتياجات الخاصة بقطاع الطماطم الكرزية.
تعد الطماطم الكرزية المغربية، بأشكالها المتنوعة – المستديرة أو الطويلة أو الداتريني أو المختلطة – جذابة بشكل خاص للجهات البولندية في قطاع الهوركا. في الواقع، يعتقد المستوردون البولنديون أن المغرب قد احتل الصدارة في هذا القطاع، متفوقًا على بعض المنافسين الأوروبيين.
ويعود هذا التقدم في قطاع الطماطم الكرزية إلى قدرة المغرب على التكيف في مواجهة تقلبات السوق الدولية والمخاطر المناخية. على الرغم من المشاكل المناخية التي عطلت حصاد عام 2022، تمكن المغرب من إستعادة إنتاجه في عام 2023، مستفيدًا من إتقانه لزراعة البيوت البلاستيكية.
في عام 2023، أصبحت بولندا ثامن أكبر مستورد في العالم للطماطم الدفيئة، حيث بلغ إجمالي حجمها 216,000 طن. ويعكس هذا النمو السريع، لا سيما على مدى السنوات الخمس الماضية عندما إرتفعت الواردات البولندية بمقدار الثلث، الطلب المتزايد على المنتجات الطازجة، لا سيما في قطاع المطاعم.
على الرغم من تزايد الإنتاج المحلي، تواصل بولندا إستيراد الطماطم على نطاق واسع من هولندا وتركيا وإسبانيا والمغرب وألمانيا. وقد أدت الطفرة في الصادرات التركية هذا العام، بسبب الظروف الجوية غير المواتية في إسبانيا والمغرب، إلى تعويض النقص في الطماطم الحمراء المستديرة جزئيًا، ولكنها لم تكن قادرة على منافسة تنوع الإمدادات المغربية.
بينما تواصل بولندا زيادة وارداتها من الطماطم، فإن المغرب يضع نفسه كمورد رئيسي، لا سيما في قطاع الطماطم الكرزية الممتازة. توفر هذه السوق المزدهرة فرصًا واعدة للزراعة المغربية، التي تعمل باستمرار على الإبتكار والتكيف مع إحتياجات المستهلكين الأوروبيين.
ولتعزيز مكانته، سيحتاج المغرب إلى مواصلة تحسين إنتاجه وتنويع عروضه مع الحفاظ على معايير الجودة العالية. وعلى الرغم من استمرار التحديات المناخية، إلا أن مرونة القطاع الزراعي المغربي وقدرته على الفوز بحصة سوقية في الإقتصادات المزدهرة مثل بولندا تشير إلى مستقبل مشرق لصادرات الطماطم المغربية إلى أوروبا.