انتقال ملموس للبلدان العربية نحو الاقتصاد الأخضر خلال العقد الماضي
سجل تقرير للمنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد)، يحمل عنوان “البيئة العربية في عشر سنين”، أن العقد الماضي شهد انتقالا ملموسا للبلدان العربية نحو الاقتصاد الأخضر
وأفاد التقرير، الذي نشر خلال المؤتمر السنوي للمنتدى الذي انطلقت أشغاله أمس الخميس بيروت، أن الانتقال نحو الاقتصاد الأخضر ابتدأ من الصفر تقريبا في اعتماد أنظمة اقتصاد أخضر أو استراتيجية مستدامة، مضيفا أن سبعة بلدان أدرجت عناصر الاقتصاد الأخضر والاستدامة في خططها. وأعطى هذا إشارة قوية الى القطاع الخاص لزيادة الاستثمارات أضعافا، وخصوصا في الطاقة المتجددة، كما برز في كل من المغرب والأردن والإمارات، حيث استثمرت البلايين في مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياحية
واعتمدت بعض استراتيجيات السياسة العامة، مثل رؤية السعودية 2030، نوعا من المحاسبة لرأس المال الطبيعي، بوضع قيمة نقدية للموارد الطبيعية. وأدت الإجراءات المالية التي اتخذتها المصارف المركزية في لبنان والإمارات والأردن إلى زيادة كبيرة في القروض التجارية للمشاريع الصديقة للبيئة
لكن التقرير يرى أنه يتعين على الدول العربية تخصيص مبلغ إضافي لا يقل عن 57 بليون دولار سنويا من مصادر محلية وخارجية لدعم تنفيذ أهداف التنمية المستدامة
وفيما يخص مجال المياه، أوضح التقرير أنه لا تزال ندرة المياه تتفاقم في المنطقة العربية، نظرا إلى الموارد المحدودة للمياه العذبة المتجددة وتدهور الجودة من جهة، والنمو السكاني ونقص الأموال لتمويل البنية التحتية للمياه من جهة أخرى
وأضاف أنه خلال السنين العشر الأخيرة، انخفض متوسط حصة الفرد من المياه العذبة في 22 بلدا عربيا من نحو 990 مترا مكعبا سنويا إلى أقل من 500 – 800 متر مكعب، أي عشر المتوسط العالمي، في حين بلغ نصيب الفرد من المياه المتاحة في تسعة بلدان أقل من 200 متر مكعب. وهذا يعني أن حوالي 40 في المائة من السكان العرب يعيشون في فقر مائي مطلق
وفي ما يتعلق بالأمن الغذائي، فتحدث التقرير عن تدهور الأمن الغذائي في العديد من البلدان العربية، التي تشكل أكبر منطقة عجز غذائي في العالم، مع وجود فجوة متزايدة بين الإنتاج والاستهلاك المحليين
فمن حيث القيمة النقدية، سجلت الفجوة الغذائية العربية الإجمالية زيادة كبيرة من 18 بليون دولار سنة 2005 إلى 34 بليون دولار عام 2014، وتعزى هذه الزيادة إلى عوامل عدة وتطورات مترابطة في العالم العربي، أهمها النمو السكاني المرتفع، وانخفاض الإنتاجية الزراعية، واستنزاف الموارد الطبيعية، وتأثيرات تغير المناخ، وتسرب مياه البحر، وارتفاع نسبة هدر الأغذية إلى نحو 35 في المائة، وانتشار الاضطرابات السياسية والصراعات الأهلية على نطاق واسع
وفي هذا الصدد يدعو التقرير إلى تخفيف الهدر وتحسين الإنتاجية وزيادة الموازنات المخصصة للأبحاث الزراعية، والتعاون الإقليمي
وبخصوص الجانب المرتبط بالطاقة، أشار التقرير إلى أن الاتجاهات الحالية لاستخدام الطاقة تضع الاقتصاديات العربية ضمن أقل البلدان كفاءة، على الصعيد العالمي، مضيفا أن متوسط الخسائر في توليد الكهرباء ونقلها وتوزيعها بلغ 4ر19 في المائة، أي أكثر من ضعفي المعدل العالمي، بينما يبلغ النمو في استهلاك الطاقة 8 في المائة، أي ضعفي معدل النمو الاقتصادي
ولاحظ أن مساهمة الطاقة المتجددة في الطاقة لا تزال هامشية في حدود 5ر3 في المائة، مشيرا إلى أن التوقعات إيجابية في الغالب، بحيث يتوقع أن يتضاعف حجمها حتى سنة 2020. كما توقع التقرير أن تحصل معظم التطورات الكبرى في السعودية، التي أعلنت عن خطط لإنتاج 5ر9 جيغاواط من الكهرباء المتجددة بحلول سنة 2023، وحوالي 54 جيغاواط بحلول سنة 2040
وأضاف أن 12 دولة عربية أعلنت عن أهداف للطاقة المتجددة، تتجاوز 20 في المائة، بينها الإمارات والأردن والجزائر ومصر والسعودية وتونس، مشيرا إلى أن المغرب وضع الهدف الأكبر للتحول إلى الطاقة المتجددة بنسبة 52 في المائة سنة 2030. وإلى ذلك، اعتمدت بلدان عدة أنواعا مختلفة من تدابير السياسة العامة لتعزيز كفاءة استخدام الطاقة
وتوقع التقرير أن يؤدي اكتشاف احتياطات الغاز الكبيرة في شرق البحر المتوسط إلى تعزيز اقتصاديات البلدان المعنية، وتوفير مصدر للطاقة الأحفورية الأقل تلويثا، كمرحلة انتقالية إلى مزيد من المصادر المتجددة النظيفة
وبالنسبة للهواء، يظهر التقرير أن نوعية الهواء تدهورت في البلدان العربية، وتضاعفت انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، مشيرا إلى أن ارتفاع استهلاك الكهرباء بنسبة 75 في المائة، أدى إلى انبعاث 766 مليون طن من ثاني أوكسيد الكربون سنة 2015، في مقابل 436 مليون طن عام 2006. وازدادت الانبعاثات الناجمة عن قطاع النقل بسبب النمو الكبير في القطاع في غياب أي تدابير تخفيف فعالة، وضعف وسائل النقل العام في معظم البلدان
وحذر التقرير من أن المستويات المسجلة لتلوث الهواء في المدن العربية تبلغ من 5 إلى 10 أضعاف الحدود القصوى التي حددتها منظمة الصحة العالمية. لكنه شدد على ضرورة الحد من محتوى الكبريت في وقود (الديزل) في معظم البلدان العربية، والتحول إلى البنزين الخالي من الرصاص. غير أن هذا لم يمنع ملوثات أخرى من الارتفاع، مثل أول أوكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين
ومن جهة أخرى، كشف نتائج استطلاع للرأي العام العربي، جاءت ضمن التقرير، حول الوضع البيئي بالمنطقة خلال السنوات العشر الماضية، أن أزيد من 60 في المائة من المستجوبين يعتبرون أن الوضع البيئي استمر في التدهور ببلدانهم، مضيفا أن 95 في المائة من المستجوبين يعتبرون أن بلدانهم لا تقوم بما يكفي للتصدي للتحديات البيئية
وأشار إلى أن 61 في المائة من المشاركين في هذا الاستطلاع، الذي أنجزه المنتدى، اعتبروا أن وضع البيئة بالمنطقة أصبح الأسوأ فيما اعتبر 20 في المائة أن الوضع تحسن، ونفس النسبة كشفت أن الوضع لم يتغير
وتعكس النتائج العامة – حسب المصدر ذاته – نظرة سلبية، حيث سجلت أعلى مستويات عدم الرضا بكل من لبنان ب 91 في المائة، واليمن ب 90 في المائة، وتونس وليبيا ب 78 في المائة، والعراق ب 74 في المائة، ومصر ب 66 في المائة